سورة القصص - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القصص)


        


قوله تعالى: {فخرج على قومه في زينته} قال الحسن: في ثيابٍ حمر وصفر؛ وقال عكرمة: في ثياب مُعَصْفَرة. وقال وهب بن منبِّه: خرج على بغلة شهباء عليها سرج أحمر من أُرْجُوان، ومعه أربعة آلاف مقاتل، وثلاثمائة وصيفة عليهن الحلي والزِّينة على بغال بيض. قال الزجاج: الأُرْجُوان في اللغة: صِبغ أحمر.
قوله تعالى: {لَذُو حَظٍّ} أي: لَذُو نصيب وافر من الدنيا.
وقوله: {وقال الذين أُوتوا العِلْم} قال ابن عباس: يعني الأحبار من بني إِسرائيل. وقال مقاتل: الذين أوتوا العلم بما وَعَدَ اللّهُ في الآخرة قالوا للذين تَمنَّوا ما أُوتيَ قارون {وَيْلكم ثوابُ الله} أي: ما عنده من الجزاء {خيرٌ لِمَنْ آمَنَ} مِمَّا أُعطيَ قارونُ. قوله تعالى: {ولا يُلَقَّاها} قال أبو عبيدة: لا يوفَّق لها ويُرْزَقُها. وقرأ أُبيُّ بن كعب، وابن أبي عبلة: {ولا يَلْقَاها} بفتح الياء وسكون اللام وتخفيف القاف. وفي المشار إِليها ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها الأعمال الصالحة، قاله مقاتل.
والثاني: أنها الجنة، والمعنى: لا يُعطاها في الآخرة إِلاَّ الصابرون على أمر الله، قاله ابن السائب.
والثالث: أنها الكلمة التي قالوها، وهي قولهم: {ثوابُ الله خيرٌ}، قاله الفراء.


قوله تعالى: {فَخَسَفْنَا به وبداره الأرض} لمَّا أمر قارونُ البَغِيَّ بقذف موسى على ما سبق شرحه [القصص: 76] غضب موسى فدعا عليه، فأوحى الله تعالى إِليه. إِنِّي قد أمرت الأرض أن تُطيعَك فَمُرْها؛ فقال موسى: يا أرض خُذيه، فأخذتْه حتى غيَّبَتْ سريره، فلمَّا رأى ذلك ناشده بالرَّحم، فقال: خُذيه، فأخذته حتى غيَّبتْ قدميه؛ فما زال يقول: خُذيه، حتى غيَّبتْه، فأوحى الله تعالى إِليه: يا موسى ما أفظَّك، وعِزَّتي وجلالي لو استغاث بي لأغثته. قال ابن عباس: فخُسفتْ به الأرضُ إِلى الأرض السفلى. وقال سَمُرَة بنُ جنْدَب: إِنَّه يُخسف به كلَّ يوم قامة، فتبلغ به الأرض السفلى يوم القيامة. وقال مقاتل: فلمَّا هلك قارون قال بنو إِسرائيل: إِنَّما أهلكه موسى ليأخذ ماله وداره، فخَسَفَ اللّهُ بداره وماله بعده بثلاثة أيام.
قوله تعالى: {يَنْصُرونه مِنْ دون الله} أي: يمنعونه من الله {وما كان من المُنْتَصِرِين} أي: من الممتنعين ممَّا نزل به. ثم أعلَمنا أن المتمنِّين مكانه ندموا على ذلك التمنِّي بالآية التي تلي هذه.
وقوله تعالى: {لَخُسف بنا} الأكثرون على ضم الخاء وكسر السين. وقرأ يعقوب، والوليد عن ابن عامر، وحفص، وأبان عن عاصم: بفتح الخاء والسين.
فأما قوله: {وَيْكَ} فقال ابن عباس: معناه: ألم تر. وكذلك قال أبو عبيده، والكسائي. وقال الفراء: {وَيْكَ أن} في كلام العرب تقرير، كقول الرجل: أما ترى إِلى صنع الله وإِحسانه، أنشدني بعضهم:
وَيْكَ أَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْ *** بَبْ ومَنْ يفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ
وقال ابن الأنباري: في قوله: {وَيْكَ أنَّه} ثلاثة أوجه.
إِن شئت قلت: وَيْكَ حرف، وأنَّه حرف؛ والمعنى: ألم تر أنَّه، والدليل على هذا قول الشاعر:
سالَتَاني الطَّلاق أنْ رَأَتَاني *** قَلَّ مالي قَدْ جِئْتُمَاني بِنُكْرِ
وَيْكَ أَنْ مَنْ يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْ *** بَبْ ومَن يفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْش ضُرِّ
والثاني: أن يكون وَيْكَ حرفاً، وأَنَّه حرفاً، والمعنى: ويلك اعلمْ أنَّه، فحذفت اللام، كما قالوا: قم لا أباك، يريدون: لا أبالك، وأنشدوا:
أَبِالْمَوْتِ الذي لا بُدَّ أنِّي *** مُلاقٍ لا أَبَاكِ تُخَوِّفِيني
أراد: لا أَبَالَكِ، فحذف اللام.
والثالث: أن يكون وَيْ حرفاً، وكأنَّه حرفاً، فيكون معنى وَيْ التعجُّب، كما تقول وَيْ لِمَ فعلت كذا وكذا، ويكون معنى كأنَّه: أظُنُّه وأعلمُه، كما تقول في الكلام: كأنَّك بالفَرَج قد أَقْبَل؛ فمعناه: أظُنُّ الفَرَجُ مقْبِلاً، وإِنما وصلوا الياء بالكاف في قوله: وَيْكأنَّه لأنَّ الكلام بهما كَثُر، كما جعلوا {يا ابْنَ أُمَّ} في المصحف حرفاً واحداً، وهما حرفان [طه: 94]. وكان جماعة منهم يعقوب، يقفون على وَيْكَ في الحرفين، ويبتدؤون أنّ وأنَّه في الموضعين. وذكر الزجَّاج عن الخليل أنه قال: وَيْ مفصولة من كأنَّ، وذلك أنَّ القوم تندَّموا فقالوا: وَيْ متندِّمين على ما سلف منهم، وكلُّ مَنْ نَدِم فأظهر ندامته قال: وَيْ. وحكى ابن قتيبة عن بعض العلماء أنَّه قال: معنى ويكأنَّ: رحمةً لك، بلغة حِمْيَر.
قوله تعالى: {لولا أنْ مَنَّ اللّهُ علينا} أي: بالرحمة والمعافاة والإِيمان {لَخَسَف بِنَا}.


قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخرةُ} يعني الجنة {نجعلُها للذين لا يُريدون عُلُوّاً في الأرض} وفيه خمسة أقوال.
أحدها: أنَّه البَغْي، قاله سعيد بن جبير.
والثاني: الشَّرَفُ والعِزّ، قاله الحسن.
والثالث: الظُّلْم، قاله الضحاك.
والرابع: الشِّرك، قاله يحيى بن سلام.
والخامس: الاستكبار عن الإِيمان، قاله مقاتل.
قوله تعالى: {ولا فساداً} فيه قولان:
أحدهما: العمل بالمعاصي، قاله عكرمة.
والثاني: الدُّعاء إِلى غير عبادة الله، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: {والعاقبةُ للمتَّقِين} أي: العاقبة المحمودة لهم.
قوله تعالى: {مَنْ جاء بالحسنة} قد فسرناه في سورة [النمل: 89].
قوله تعالى: {فلا يُجزى الذين عَمِلوا السَّيِّئات} يريد الذين أشركوا {إِلاَّ ما كانوا يَعْمَلون} أي: إِلاَّ جزاء عملهم من الشِّرك، وجزاؤه النَّار.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8